روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | دخلت الأشهر الحرم.. فهل نعظمها؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > دخلت الأشهر الحرم.. فهل نعظمها؟


  دخلت الأشهر الحرم.. فهل نعظمها؟
     عدد مرات المشاهدة: 3430        عدد مرات الإرسال: 0

دخل شهر ذو القعدة، ولم ينتبه المسلمون له ولا لحرمة زمانه، فهل اعتاد المسلمون على دخول الأشهر الحرم وألفوها ولم يعظموها؟ ..  ومضى جزء من ذي القعدة، وهو من الأشهر الحرم الثلاثة المتوالية، والتي كان لها مكانة خاصة عند أهل الجاهلية قبل الإسلام.

فهل مازالت لها منزلة عالية و تحظى بتعظيم عند المسلمين حتى الآن؟ أم أن المسلمين غافلون عن تعظيم هذه الأشهر؟ على الرغم من أنها من تعظيم حرمات الله تعالى، أي اجتناب ما حرمه الله تعالى تعظيما لحدود الله (وَمَن يُعَظّمْ حُرُمَـٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبّهِ) الحج:30.

والغريب أن الاقتتال مازال مستمرا في بعض البلاد الإسلامية، وبعضها الآخر يستعد له، ويجهز الأدوات لسفك الدماء في سبيل تقطيع أوصال الأمة، وانفصال كيانات منها لزيادة التفرق والنزاع، وبعض الأماكن المسلمة يدور فيها القتال للظفر ببعض المكاسب الدنيوية.

أو الفوز بالمناصب الوزارية، وفي بعض أوطان المسلمين تتنافس الأحزاب والأفراد لخوض الانتخابات والتي تراق فيها الدماء غالبا؛ للتحقيق الغالبية في المجالس النيابية، ولم يعظم كل هؤلاء دخول الأشهر الحرم!

فهل نذكر بفضلها، ونبين للجميع كيف نعظم شعائر الله، والتي فيها تعظيم لله، ومن موجبات تعظيم الله تعالى: تعظيم حرماته، وهي كل ما يجب احترامه وحفظه وصيانته ورعايته، وتشتمل جميع ما أوصى الله تعالى بتعظيمه وأمر بأدائه. 

وفيها استشعار هيبته تعالى وخشيته، والخوف من غيرته على حرماته، فيخاف المؤمن من معصيته وغضبه ويخشى عذابه ويرجو رحمته، ولا يتساهل في ارتكاب المعصية، فمن يعظم الله؛ يعظم حرمات الله، ويستشعر عظمة الذنب، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (إنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا) رواه البخاري.

ويقول بلال بن سعد: "لَا تَنْظُرْ إلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ وَلَكِنْ اُنْظُرْ إلَى مَنْ عَصَيْتَ"أخرجه الذهبي في تلخيص العلل المتناهية. 

فيجب تعظيم حرمات الله تعالى، فنعظم كتابه الكريم، و نعظم حرمة المؤمن، ونحفظ الدماء والأعراض والأموال، ونعظم المقدسات الإسلامية الزمانية كالأشهر الحرم والمكانية، كالمسجد الحرام وكان أهل الجاهلية يعظمون هذه الأزمنة وتلك الأماكن؛ فيمتنعون عن القتال فيها، حتى لو رأي أحدكم قاتل أبيه ليثأر منه؛ فلا يفعل تعظيما لقدسية المكان أو الزمان.
 
فما لنا نتغافل عن تعظيم الأشهر الحُرُم، والتي اختصها الله سبحانه وتعالى دون بقية شهور العام، فأمر بتعظيم حرمتها، ونهى عن الظلم فيها، وحددها في كتابه الكريم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) التوبة: الآية36.

ونص عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في خطبة حجة الوداع: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" متفق عليه.

جاء في تفسير ابن كثير: عن معنى هذه الآية ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ (التوبة: من الآية 36) أي في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تُضاعَف لقوله تعالى ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (الحج: من الآية 25).

وكذلك الشهر الحرام تُغلظ فيه الآثام؛ ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب طائفة كبيرة من العلماء.

قال ابن عباس: فجعلهن حرامًا وعظَّم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم. وقال قتادة: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئةً ووزْرًا من الظلم فيما سواهن- وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا- ولكن الله يعظِّم أمره ما شاء. 

إن تعظيم حرمات الله تعالى واحترام أوامره وامتثالها، ومعرفة نواهيه واجتنابها لهو طريق إلى الفلاح، وسبيل للنجاح، ودليل على الإيمان، وبرهان على الإحسان، وسبب للغفران.

المصدر: موقع لها أون لاين